EGP240.00

يطرح فهمي جدعان عدة إشكاليات في تاريخ محنة خلق القرآن تضع الرواية الشائعة في قفص الاتهام وتظهر فضل السلطة السياسية في في تأجيج الصراع بين السياسي والديني.
فالمأمون لم يثر هذه المسألة بالذات إلا كعقاب لأهل الحديث الذين وقفوا في صف أخيه الأمين أثناء حربه معه ، وقد كان المأمون يخشى من سلطتهم على الناس فأراد رد الجميع إلى حظيرة ملكه عن طريق فرض هذه المسألة التي لم يكن فيها “أحمد بن دؤاد” إلا ممثلا للإرادة السياسية ومؤديا لوظيفته الرسمية كقاضي قضاة ، وكان أحيانا يحاول التخفيف من وطأة العقاب على مخالفيه إلا أنه وُوجه بحملة تكفير من أحمد بن حنبل ، ولم يكن يعرف لابن أبي دؤاد أي آراء كلامية حتى شكك المؤلف في اعتزاليته ، وكانت عقلانية المأمون عقلانية تجريبية لا تنشد أهدافا نظرية ، فاقتنص مسألة خلق القرآن لحساسيتها في علم التوحيد في ذلك الوقت ، إذاً المحنة ذريعة لتفجير صراع ولم تكن سببا لذلك الصراع.
توصل المؤلف إلى أن عدم ثبوت ضلوع المعتزلة في إحداث فتنة خلق القرآن ، و أنهم لم يتورطوا في حملات التفتيش الحكومية المتعلقة بها ، وقد وصلت الحملة ذروتها حين اشترط الواثق لفداء الأسير المسلم في بلاد الروم أن يكون ممن يقول بخلق القرآن القول بخلق القرآن.
وفي عهد المتوكل الذي يُعتقد أنه محيي السنة وقامع البدعة ، ظل حال أحمد بن حنبل يمثل في عهده وضعا فريدا ، ووجه له كتابا بلزوم بيته وعدم حضور الجمعة ، واتهم أنه يأوي أحد العلويين المناوئين لبني العباس في بيته ، ثم برئ من هذه التهمة وقرب من المتوكل.